شكرًا أبي وأمي..Posted by on

أبي و أمي علموني القرآن

جلست في هدوء أتابع السيّدات من حولي.. أصغرهن في عقدها الثالث، وأكبرهن قد تكون في ضعف عُمْري!! خرّيجات جامعيّات, مُثَقَّفات، ومن مستوى اجتماعي جيّد، ولكن كَم أشفق عليهن.. لم يتعلّمن القراءة أبدًا. كُلَّما جاء الدور على واحدة، وتفتح مُصْحَفها لكي تقرأ.. لا تتعدّى كلمتين حتى تستوقفها المُعَلِّمة، وتُصَحِّح لها القراءة.

يا لها من مشقَّة! لها أجران، ولكن أين كانت من كتاب الله طوال هذا العمر؟ تعلَّمت كل شئ، ولم تتعلَّم قراءة القراَن. لم تنل تلك السيّدات من تعلُّم قراءة القرآن شيئًا من قبل.. حتى إن الواحدة منهم لا تجيد قراءة الفاتحة, التي لا تصح الصلاة بدونها!

أدركت هذا اليوم كم أنا مُمْتَنَّة لأبي وأُمّي أن أرشداني إلى طريق المسجد منذ الصغر.. الحمد لله الذي هداهما لهذا. لم يكتفوا باختيار المدرسة الجيّدة، والسَكَن الراقي، والنادي الرياضي مثل باقي الأهالي فحسب، بَلْ اهتمّوا جيّدًا بعلاقتي أنا، وإخوتي بالمسجد.

لم أحفظ كثيرًا من القرآن في صِغَري للأسف، ولكن ما بقى هو فِهْمي لطريقة القراءة في المُصْحَف. ما زلت أتعلَّم، ولكن الأساسيات موجودة الحمد لله. لم يَفُت الأوان على هؤلاء السيّدات، وأكرمهن الله ببداية الطريق.

أعلم كم تفخري أن أبنائكِ يتقنون الإنجليزيّة، ويدندنون ببعض كلماتها في الاجتماعات العائليّة وأمام الأصدقاء.. أعلم جيّدًا شعوركِ عندما تقترب ابنتكِ منكِ في المطعم لتطلب منك “Tissue” وليس منديلًا.. أعلم أيضًا نظرة الرضا عن أبنائكِ وهم يجيدون استخدام الـ IPad، ويَتَفَنَّنون في التعامل معه أكثر منكِ أنتِ شخصيًّا، ولكن تأمّلي طفلتكِ أو طفلكِ الصغير وقد بلغ الأربعين، ولا يعرف كيف يتلو آية واحدة من القرآن بدون أخطاء!!

فكّري في تلك اللحظة التي يمسك فيها أحد أبنائكِ المُصْحَف بعد وفاتكِ ليقرأ لكي القرآن.. ولا يتجاوز بضع صفحات لِما يجد من صعوبة في القراءة! قراراتكِ تُحَدِّد شكل أطفالكِ. واجهي هذه الحقيقة، وفكّري جيّدًا فيما سيصبحون عليه بسببكِ.

و أخيرًا.. شكرًا أبي وأُمّي.. أنا أعرف كيف أقرأ القرآن..

 

مروة مجدي

الصورة: Mohammed Marhoon

اقرأ أيضا

هذه هي سنة الحياة

كلمات أمتد تأثيرها 40 سنة

رسالة الي ابنتي

 

 

 

الصالون

اترك تعليقاً