إنت إللي غلطان.. لأ إنتي إللي ابتديتي!.. ده مش بيت، ده سجن، دي مش عيشة!.. شفت يابني أبوك عمل إيه؟ يرضيكى يا بنتي إللي حصل من ماما؟.. هذه العبارات وغيرها، الكثير من المشاحنات والخلافات التي قد تحدث بين الزوجين على مرأى ومسمع من طفلهما والتي لها الأثر السيّء على نفسية الطفل، بل وعلى تكوين شخصيته ومستقبله ككل فيما بعد.
باختصار.. عايز تتخلص من أي طفل، خلّيه يتفرج على والديه وهما بيتخانقوا! صحيح إنه من الطبيعي أن تحدث خلافات بين الزوج والزوجة، لكن يجب أن تكون بعيدة عن مسامع الطفل، كذلك من المرفوض تمامًا الفضفضة مع الطفل عن الخلافات الزوجية.
اضطراب في الجو الأسري = نمو غير سوي لشخصية الطفل..
لماذا؟
أولًا: الطفل ليست لديه الخبرة، أو على الأقل إجابة يرد بها على الوالدين في حالة الفضفضة عن الخلافات معه فينتج عن ذلك شعور بالذنب، لأنه لم يقدم حَلًّا للمساعدة!
ثانيًا: الوالدين بهذه الطريقة بيساهموا في تشويه صورتهم أمام طفلهم دون أن يشعروا.
ثالثًا: للأسف مع تكرارالخلافات بتهتز صورة الوالدين أمام الطفل، ويبدأ بالبحث عن قدوة أخرى، وبالتالي تقبُّله للنصح من والديه مرة أخرى أمر غاية في الصعوبة.
رابعًا: يفقد الطفل ثقته بنفسه، وإحساسه إنه اقل من غيره.
جو الاستقرارالأسري يساهم في إحساس الطفل بالأمان والاستقرار النفسي..
كيف؟
إن الشعور بالأمان والهدوء النفسي لدى الأبناء يؤدى إلى نمو شخصية سوية للطفل، فالاسقرار الأسري يلعب دورًا هامًا في منح الطفل الثقة بالنفس، فنتائج العديد من الدراسات والاختبارات الحديثة تشير إلى أن الأطفال الذين ينعمون باستقرار أسري ومشاكل أسرية أقل يتمتعون بنسبة ذكاء أعلى مقارنةً بالأطفال الذين ينشأون في جو من المشاحنات والخلافات المستمرة بين الوالدين.
إضافة إلى ذلك فقد رأى العديد من الباحثين في مجال الطفولة أن الكيفية التي يتعامل بها الوالدان في مواجهة المشكلات الزوجية لها دور هام في شعور الطفل بالأمان أولًا.. حيث وجد الباحثون أن الأمان والاستقرار الأسري يمثل صمام الأمان للطفل. فكلما كانت العلاقة الزوجية بين الوالدين قوية كانت قدرات الطفل على بناء علاقات سوية مع الآخرين أفضل، على عكس الخلافات الزوجية التي من شأنها تدمير شعور الطفل بالأمان، وإحساسه بالضياع، وعدم قدرته على التفاعل مع الآخرين بشكل إيجابي وفعال.
كما وجد أن الخلافات الزوجية بين الوالدين التي يشهدها الطفل، وتتضمن إهانات، أو تتطلب من أحد الزوجين الدفاع عن النفس، أو تؤدى إلى الهم والحزن والخوف، أو التي تنتهي بالطلاق سببًا في إصابة الطفل بالاكتئاب، أو القلق، أو أن يسلك الطفل أو المراهق سلوكيات مُشينة، بالإضافة إلى أن الشجار المستمر وإظهار الخلافات أمام الطفل تترك أفكارًا سلبية عن الزواج قد تستمر لفترة طويلة تؤثر على حياته فيما بعد!
وفي دراسة حديثة أجريت على النساء الحوامل اللاتي يعانين من مشكلات وخلافات مستمرة مع الزوج هن أكثر تعرضًا لإنجاب أطفال مصابون (بالتوحد ) بمعدل 60%، وذلك لتعرض الأم لضغوط نفسية تؤثر على جهاز المناعة لديها، فينتقل إلى الجنين، ويتسبب بحدوث اضطرابات لديهما يجعله مُعرضًا للإصابة.
نصائح لتهيئة جو أسري مستقر تقل فيه الخلافات الزوجية:
أعزائى الأهل، إليكم بعض النقاط التي يمكن اتباعها للحد من المشكلات والخلافات الزوجية:
- تحديد السبب:
معرفة سبب المشكلة من النقاط الهامة جدًّا لتجنب تكرار الخلاف، والتعامل مع المشكلة على أساس الوصول لحل لهذا السبب، وليس أن يكون الهدف هو إثبات أن الطرف الآخر “غلطان” ومُتحمل المسئولية كاملة عن الخلاف.
- البعد عن التذكير بالماضي:
يجب عدم مُعايرة الطرف الآخر بخطئه، وتذكيره الدائم به مع كل مشكله تحدث في كل مرة. مثال: (إنت نسيت إللي عملته)، (مش كفاية إللي عملتيه قبل كده)، لأن هذا من شأنه توجيه رسالة سلبية للطرف الآخر بأنك مهما فعلت فلن أنسى ولن أغفر، وتكون النتيجة مزيد من الشقاق والخلاف الذى يهدم الأسرة ويدمر الأبناء.
- المصارحة والمكاشفة:
من الضروري في الحياة الزوجية المكاشفة للطرف الآخر عن التصرفات، أو الصفات، أو المواقف التي حدثت وتضايقه. حيث أن كثرة كتمان المشاعر والسكوت المستمر عن المضايقات ينتج عنه تحويل المواقف البسيطة التي يمكن أن تُحَل ببساطة إلى بركان متفجر من الغضب، وفي هذه الحالة المشكلة لن تكون في الطرف الذى يقوم بالتصرفات التي تضايق وإنما في الطرف الساكت من البداية وقبوله بذلك، لأن الطرف الآخر قد لا يعلم أن هذه الأمور تسبب الضيق والغضب على هذا النحو للطرف الآخر دون أن يشعر، ولذا يجب أن تكون الرسالة: (من فضلك توقف عن هذا فهو يضايقني) فلا بد من احتواء كل طرف للآخر من أجل حياة أكثر استقرارًا.
- تضييق دائرة الخلاف:
من الأخطاء الشائعة التي تعمق الخلافات الزوجية، وتهدد كيان الأسرة توسيع دائرة الخلاف ودخول أطرافًا أخرى في الخلاف؛ كالأصدقاء أو أهل الزوجين، وكل شخص منهم يدلو بدلوه في الأمر الذي ينظر إليه من وجهة نظره ومصلحته ورأيه في الزوج أو الزوجة، وهذا يؤدي إلى تعميق الخلافات بين الزوجين، وقد يحدث أن ينسى الزوجين المشكلة ولكن الأطراف المتداخلة لا تنسى ولا تسامح، وهذا قد يجعل الزوجين يدخلون في دائرة مُفرغة من الخلافات والمشاحنات التي لا تنتهي.
تذكروا أنها حياتكم أنتم وليست حياة الآخرين، وليكن طريقة تفكيركم مَبنيّة على فكرة (الواحد للجميع) أي كل فرد بيعمل لمصلحة الحفاظ على كيان واستقرار الأسرة، وليس لمصلحته الفردية فقط.
وتذكروا أن من يزرع وردًا يجني وردًا، والذي يزرع شوكًا يحصد شوكًا.. لكل هذا أبعدوا أطفالكم عن أي خلافات، وحافظوا على أسرتكم الصغيرة حتى لا تشتكوا من عقوق الأبناء فيما بعد، وبعد ذلك تتساءلون.. لماذا؟!
د.مروة أحمد فؤاد
مستشارة تربوية ونفسية
موضيع أخري اخترناها لك
Photo credit: Bigstock




اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.