ماما، البسيني حذائي!Posted by on

تربية طفل معتمد علي نفسه الاعتماد علي النفس عند الطفل

كنت أجلس في إجتماع نسائي يحتوي على بعض الصديقات والأخريات اللواتي لا أعرفهن ، وبينما نحن كذلك ، أتت طفلة  تركض بإتجاه والدتها قائلة : ماما أمسحي لي أنفي . قامت النساء الأخريات بالضحك وأخذن الموضوع بشكل هزلي ، ولكن ماهي إلا دقائق حتى أتت فتاة أخرى تنادي على والدتها قائلة : ماما ، ألبسيني الحذاء . وأتت الثالثة أيضا تحمل في يدها منديلا وتضعه بيد والدتها قائلة : ماما دعي هذا معك لترميه الأم في القمامة .

 

وفي يوم آخر ، بينما كنت في مكان يلعب به الأبناء ، إذ أجد طفلة تركض إلى أبيها باكية  قائلة : بابا أخي لا يريدني أن ألعب معه بالكرة . فصرخ الوالد على إبنه قائلا : إجعل أختك تلعب. تذهب الطفلة للعب معه وتعود مجددا لأبيها باكية وتكرر الشكوى ويستمر نفس الرد .

يبدو أنها ظاهرة ، ظاهرة الأمهات والآباء الذين يكلفون أنفسهم بمهام ليس عليهم أن يقوموا بها . فيتحولون من مربيين الواجب عليهم تعليم أبنائهم التعامل مع الأمور والتصرف في المواقف والإعتماد على النفس في شئون النفس وحل المشكلات بأنفسهم إلى مربيين يقومون بكل ذلك لأبنائهم .

إن هذا الذي يقوم به الوالدان قد يكون نابعا منهم بسبب :

  1. أنه يرى أن عليه أن يقوم بكل تلك الأمور نيابة عن طفله وهو في هذة المرحلة ، فيكفي ما سيعانيه من مسئوليات حينما يكبر .
  2. ليس لديهم الصبر الكافي لتعليم أبنائهم تحمل مسئولية أنفسهم وإدارة ذواتهم . فيقلوا : بدلا من أن نتعب أعصابنا ونقنع ونضع القوانين ، نقوم نحن بهذة الامور أسهل وأسرع وأفضل.
  3. ليس لديهم علم تربوي وإدراك كبير لنتيجة هذة المعاملة على مستقبل أبنائهم.

 

دعيني قبل ان أوضح لك تأثير ما تقومين به من مواقف مشابهة لما ذكرت على طفلك، دعيني أطلب منك أن تتخيلي طفل يعامل بنفس الطريقة اللتي تعاملين بها ولدك ، اصبح بمفرده في الحياة بسبب رحيل والديه عن الدنيا ، هل تتخيلي أنه سيصبح قادرا على التعامل مع المواقف المختلفة ، هل تتخيلين أنه سيكون قادرا على حل مشاكله بنفسه؟ هل تتخيلين أنه سيكون قادرا على إدارة شئون حياته بمفرده . إن ما ضربت المثل به كان امثلة بسيطة ، لكن الأمور اللتي نقوم بها في حياة أبنائنا وتبعدهم عن تحمل المسئولية كثيرة ولا تعد!

اعتقد أن هذا التخيل كافي لأن يجعلك تدركين الأثر الذي ينتجه ذلك السلوك التربوي الخاطئ مع أبنائنا . وسأذكر لك هنا بعض من تلك الآثار :

 

  1. ينتج طفلا معتمدا على الآخرين في كل أموره ، منتظرا لأن يقوم بأموره الغير. وطبعا هذا أمر لن يتوفر في كل الأوقات ، فأنت لن تكوني معه أو والده في المدرسة مثلا . مما سيصيبه بضعف الثقة بالنفس عندما يجد نفسه غير قادرا على التصرف في الأموروالمواقف المختلفة  المختلفة .
  2. شخصية متردده خائفة من الإقدام ، لأنه لم يقدم من قبل بمفرده بل كان معتمدا على والديه دائما في الإقدام .
  3. تضيع عليه الكثير من الفرص لأن ليس لديه روح المبادرة منفردا بل هو معتاد على الدفع من قبل والديه فحسب .
  4. سيكبر وهو غير متحمل للمسئولية ولن يستطيع التصرف عندما يوضع أمام المسئولية الكبيرة للزوج والزوجة ومسئولية الأبناء .

 

هل تخيلت سوء الوضع؟

إذا عليك أن تعيدي حساباتك إن كنت تتعاملين مع طفلك بهذا الإسلوب ، فأبدأي من الأن بتعليمه كيف يتعامل مع المشكلة التي تواجهه مع أخيه بدلا من أن تقومي أنت بحلها ، وكيف يسترد ما أخذ منه في المدرسة بدلا من أن تسترديه أنت ، وكيف يرتدي ملابسه بدلا من أن تقومي أنت بإلباسها له وكيف يغسل يديه بدلا من تقومي انت بغسلها له ، علميه كيف يتخذ قراراته ويتحمل نتائجها ، بدلا من ان تأخذي أنت قراراته ولا يتحمل ولا يتعلم هو منها شيئا وهكذا في بقية الأمور لينشأ طفلك طفلا متحملا للمسئولية قادرا على إدراة ذاته ونفسه واثقا من نفسه .

 

د. آيات فارس أبوالفضل

مستشار أسري وتربوي معتمد

 

تابعو مبادرة بنبني هنا أو من خلال صفحة الفيس بوك

 

 

تربية

اترك تعليقاً