زيارة هناء

Black modern binoculars in hands on green background

 

 

دخلت هناء شقه جارتها الجديده ليلى بعد ما اتصلت بيها تقوللها إنها جايه تزورها وتتعرف عليها .. سلموا على بعض وشاورتلها الجاره تتفضل في الصالون .. هناء وهي داخله ألقت نظرة سريعة بطرف عينيها على محتويات الشقه أو اللي قدرت تشوفه بعينيها بمعنى أصح .. قعدوا واتكلموا مع بعض شوية وبعد فترة استأذنت الجاره تدخل تجيب حاجه من جوه .. هناء ابتدت تركز في تفاصيل الصالون وتشوف ليلي فارشه شقتها ازاى ؟ السجاد خامته ايه  ؟ يدوي ولا عادي ؟ النجف ده كريستال ولا نحاس ولا  ..؟؟ 

التابلوهات المتعلقه شيك وقيمه ولا أى كلام ؟  الستاير تفاصيلها ايه ومتركبه ازاى ؟

لمحت شنطه خروج متعلقه على كرسي في طرف الأوضه فمالت براسها تشوف هي ماركه معروفه ولا لاء ؟

لما رجعت ليلى طبعا مش محتاجين نقول هناء كانت مركزه معاها ازاى .. لابسه شيك ولا نص نص ؟ صابغه شعرها ولا ده لونه الحقيقي ؟ اممممم الخاتم اللى في إيدها ده ياترى دهب أبيض ولا سوليتير ؟

 

……

 

ربما يبدو للبعض أن الوصف السابق مبالغاً فيه بعض الشىء .. لكن الحقيقه المرة أن أغلب النساء لديها تلك العادة السيئة .. الفضول والتركيز مع الآخرين خاصه مع بنات جنسهن .. وفي أغلب الأحيان ومع كثرة التعود يفعلن ذلك دون أن ينتبهن

 

فلانه هتدخل ولادها مدارس ايه ؟ يااااه دي مصاريفها غاليه أوي هتقدر تدخل ولادها كلهم ؟ .. فلانه التانيه جوزها جاب عربية جديدة .. تحاولي تعرفي ياترى نوعها ايه ؟ جديدة ولا مستعملة ؟ فلانة التالته بتشتري حاجتها منين وبتلبس ماركة ايه ؟ وبتتفسح فين و و و الأمثله لاحصر لها ..

 

نحن ننكر أننا نفعل ذلك لأن أغلبنا يفعله بطريقة لاإرادية .. بصورة تلقائية بحتة، ولو أمعنا النظر في تصرفاتنا وانتبهنا قليلاً لوجدنا أننا نفعل ذلك بالفعل وبكثرة .. إلا من رحم بي  !

من أسوأ النتائج التي تترتب على داء الفضول والتركيز في تصرفات الآخرين هي أنكِ بمرور الوقت تعقدين مقارنات لا إرادية بين حياتك وحياتهم  ..بالرغم منك ستجدين نفسك في يوم من الأيام ساخطة على حياتك ناقمة على زوجك .. لماذا لايفعل لي مثل مايفعل فلان زوج صديقتي ؟ لماذا لايحضر لي هدية قيّمة كهديتها رغم أن مستوانا أفضل منهم؟ لماذا لا نسافر ونرفه عن أنفسنا كأسره فلان صديقه ؟ لماذا … ؟ الخ

 

لهذا علمنا ربنا معنىً رائع في قوله تعالى في سوره طه :

(ولا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلَىٰ مَا مَتَعْنا بِهِ أَزْوَاجًا مّنْهُمْ زهرَةَ الْحَيَاةِ الدنيَا لِنفْتِنهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبّكَ خَيرٌ وَأبْقَىٰ)

كل متعة ينعم بها أى إنسان في الدنيا فسوف يسأله الله عنها يوم القيامة وربما تكون فتنة له وهو لايدري .. قال تعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنه وإلينا ترجعون)

ومن روعه المعنى أن الله تعالى ذكر في آخر الآية : “ورزق ربك خيرٌ وأبقى” .. فنبهنا إلى أن متاع الحياة الدنيا إنما هو زينة ستزول .. لابقاء لها .. لكن الذي يبقى ويدوم هو رزق الله تعالى ونعيمه في الآخره فاجعلي ذلك الرزق نُصب عينيك فلا يلهيك عنه تطلعك إلى ماعند الآخرين من متاع زائل لايدوم ..

 

أيضاً من النتائج السيئة التي تترتب على هذا الداء السىء ( الفضول و المقارنه بين حياتك وحياة الأخرين ) هى أنك – عزيزتي – قد تتصورين أن فلانه -التي تعقدين المقارنات بينك وبينها -تعيش في قمة السعاده وتحيا حياة مثالية .. وتلك نظرة سطحية للغاية .. ربما هذا مايبدو ظاهراً لك بالفعل لكن ماذا تعرفين عن تفاصيل حياتها الشخصية ؟ ماذا تعرفين عن تفاصيل علاقتها مع زوجها وأهلها ؟ ماذا تعرفين عن أدق جوانب حياتها النفسية والصحية والمالية لكي تحكمي بكل ثقه وتحسر على حالك أنها سعيدة تحيا حياة مثالية ؟!

 

كم من أُناس تبدو عليهم مظاهر السعادة والرخاء والرفاهية وعندما قُدِر لنا أن نقترب منهم قليلاً وعرفنا عنهم تفاصيل أكثر فوجئنا بكم مشاكل لم يكن أحد يتخيلها – عافانا الله وإياكم – ربما مرض مزمن .. مشكله زوجية معقدة لم تتخيلي أبداً أنها تعاني منها .. مشكلة نفسية لأحد أفراد الأسرة تكدر عليهم معيشتهم … الخ الخ والقائمه تطول !

حينها ستحمدين الله حتماً وستقولين : شكراً لا أريد تلك الحياة ! هى نفسها تلك الحياة التي كنت تتمنينها منذ لحظات قليلة وترين أنها الحياه المثالية !

 

قديما قالوا : ( القناعة كنز لايفنى)

ورسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم قال : “انْظُرُوا إِلَىَ مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ. وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَىَ مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ. فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللّه” رواه مسلم

 

فالإنسان إذا نظر إلى مَن هو أفضل منه في الدنيا استصغر ما عنده من نعم الله ، وإذا نظر لمن هو دونه وأقل منه شكر النعمة وتواضع وحمد.  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث : (.. وارْضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس) رواه الترمذى

 

خلاصة القول أحبتي : فلنكُف عن التركيز مع مَن حولنا ولنكُف عن الفضول والتطلع في تفاصيل حياة الآخرين .. عودي نفسك دائماً أن تقولي “الحمد لله” حينما ترين من هم أقل منك وكذلك من هم أعلى منك .. ابدأى التغيير من الآن ..

 

حبيبة صقر

6 Comments

  • Reply March 14, 2014

    Sally Alaa

    ااااااااه يا حبيبة انا عندي حالة قريبة مني جدا حياتها الزوجية بتتدمر من التركيز على أحوال غيرها و تمنيها اللي مش معاها مع ان ربنا مديها كتيير… نفسي اساعدها و مقالتك بجد جميلة… شكرا يا حبيبة..

  • Reply March 15, 2014

    sara

    حبيبه الحبيبه وكلماتها اللألئ سلمت يدي من راكى ربنا يسعد قلبك ويرزقك الطمأنينه :*

  • Reply March 15, 2014

    eman

    قصة تمس الواقع بشكل كبير جزاكي الله خيراً .. القناعة كنز لا يفنى.. شكرا حبيبة

  • Reply March 17, 2014

    نهال ام علي

    كلامك كله رائع يا حبيبة كالعاده .و مقنع و بطريقه حلوة.انا بقه عكس الكلام ده .لدرجة ان زوجي لما يسالني على تفاصيل حاجة مش بعرف ارد و كلمتي المعهوده مخدتش بالي .و كنت فاكراه عيب بصراحة في شخصيتي .علشان كده لا باخد بالي من لون سجاد او شنطه او لبس ..الحمد لله بقه انه
    طلع حاجة كويسه.بس في المقابل اعرف شخصيات بالحالة دي لدرجه لو راحت عند حد تاخد بالها من ماركه وشوش الكهربا ايه لووول شنايدر و لا صيني.
    و انا مش بعرف انعامل معاهم علشان انا العكس تماما

  • Reply March 17, 2014

    Ghada Zahran

    قصتك جميله يا حبيبه اسمك علي اسم بنتي الكبيرة . أنا معاكي طبعا يا حبيبه قلبي انه فيه ناس فعلا كده ومش بيعيشوا حياتهم بطريقه صحيحه لأنهم مشغولين بحياه غيرهم

  • Reply March 20, 2014

    NOUR EL HODA MAAROUF

    بارك الله فيك
    ما شاء الله بجد جميلة و مهمة جدا جزاك الله خيرا

Leave a Reply